Liste noire



لطالما بقي هذا العنوان في مخيلتي منذ أيام دراستي الثانوية؛ فقد كان مدرس اللغة الفرنسية - ربنا يمسيه بالخير - معتادًا على تكدير الطلاب الذين لم يستذكروا دروس الفرنسية بوضعهم وقيْد أسماءهم في هذه (الليست نوار) أي( القائمة السوداء)، ويعاملهم على هذا الاساس ولاسيما في درجات أعمال السنة.
بقي هذا المثال أمامي دومًا، ويمكن القول أنه تكونت لدي حساسية من أي شىء يحمل اسم قائمة؛ حتى لو كانت قائمة طعام!
يبدو أنني كنت محقًا فى ذلك؛ فبعد ثوره 25 يناير العظيمة هطلت علينا أمطار من تلك القوائم فيما يعرف باسم قوائم العار.
وقوائم العار سيدى الكريم هي قوائم بأسماء من كانوا - من وجهة ناظر صانعي هذه القوائم - ضد ثورة الشباب، أو كانوا على وفاق مع النظام السابق وبالتالي جاء الدور عليهم لتصفية الحسابات.
ولكن هل بالفعل يجوز محاسبة شخص على وجهة نظر أو توجه في فتره معينة من فترات حياته؟ 
إن فكرة قوائم العار تضر بالثورة أشد ضرر؛ فالوقت ليس بالتأكيد وقت تصفية حسابات، كما أن الثورة قامت في الأساس لمناهضة الديكتاتورية وإرساء الديمقراطية وهو ما يتعارض بكل تأكيد مع هذه القوائم .
إن من حق هؤلاء - تعساء الحظ - ممن هم في هذه القوائم أن يُتركو لكي يراجعوا مواقفهم السابقة وأن يشعروا بالندم - كذلك - لأنهم لم يكونوا في المعسكر الصحيح، فما أصعب أن تجد اسمك مدونًا في قائمة تحمل هذا العنوان المرير (قائمة العار)،
ولكنها - في نفس الوقت - ليست دعوة للنفاق أو المداهنة للثورة وللشباب بعد سقوط النظام القديم.
إن الشباب الواعي أدرى بمن كان مع الثورة أو ضدها وبالتالي لن تنطلي عليه أي حيل للنفاق أو (مسح الجوخ)، ولكن في نفس الوقت لا يجب أن يُحاسب هؤلاء على مواقفهم  وهو ما يبدأ العصر الجديد فيما بعد 25 يناير بديمقراطية وحرية تعبير. 
على أن قوائم العار هذه للأسف لم تفرق كذلك بين المواقف، فمن بين هؤلاء من كان قلبًا وقالبًا مع الثورة ولكن الجدل كان حول استمرار الرئيس السابق مبارك لنهاية فتره حكمه من عدمه، وهي النقطة التي اختلف حولها الكثيرون؛ فهناك من رأى ضرورة استمرار مبارك لنهاية فترته خوفًا من حدوث فوضى أو فراغ سياسي ينتج عن عدم وجود الرئيس لاسيما أن مصر لم تعتد هذا الموقف.
إن هذا الموقف ليس مناهضًا للثورة بأي شكل من الأشكال، ولكنها كانت وجهة نظر سائدة وكان لها مؤيدون ولا يجوز بأي حال اعتبارهم خونة أو عملاء.
دعوة للشباب الواعي بطرح روح الانتقام جانبًا لمجرد أن شخصًا كان على خلاف معنا في الرأي، ولنصب انتقامنا على من هم أجدر به من فاسدين ولصوص .
لنمزق معا قوائمنا السوداء ونبدأ معًا عصرًا جديدًا من الديمقراطية وحرية التعبير.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

شرح تنصيب جهاز بنظام تشغيل وهمي افتراضي خطوة بخطوة بالصور للأجهزة الضعيفة

شرح التحميل من موقع فايل أبلود fileupload خطوة بخطوة

طريقة عمل مجلدين او ملفين بنفس الاسم فى نفس المسار